صرنا من العدم!

0


محمد آل محسن- في يومٍ من الأيام سألت صديقي حسن سؤالاً عابراً على ذاكرتي فقلت له :"تخيل بأن المحبة تنتشر بين كل الناس ..ماذا سيحصل؟". صديقي أجاب بلا تردد و كأن سؤالي يشغل تفكيره فقال :"لعرفنا كيف نعيش ,وكيف نفكر ,و بماذا يكون و ما سيكون لحالنا ..بالمختصر لعشنا بسلام". 

من ذلك اليوم الذي سألت صديقي فيه وإلى اليوم و أنا أفكر في الإجابة  و أتساءل في نفسي :"هل حقاً إن مجرد نشر المحبة في قلوب كل الناس ستجعلنا قادرين على التفكير السليم ..و العيش بسلام؟!"

أثناء هذا التساؤل تذكرت موقفاً لأحد الاصدقاء وهو يقول لي :"أتعرف بأن حياتي تغيرت منذ اللحظة التي غيرت فيها أصدقائي؟" , و يضيف صديقي:"كنت أجلس مع أشخاص لا يهمهم من كان موجود معهم ,أغلب أحاديثهم سب و لعن و الخ... ,الآن الوضع مختف تماماً مع أصدقائي الحاليين أشعر بالمحبة لأني شعرت بتقديرهم لي!".

 إذن ما دام معاملة واحدة بمحبة غيرت حياة شخص واحد ,فماذا لو انتشرت المحبة بين الناس؟! يجيب على ذلك الدكتور ابراهيم الفقي حينما يقول :"لولا المحبة لضاع الإنسان!".و هناك نص جميل في كتاب جامع السعادات يقول بــ:" أن المحبوب ليس إلا الوجود , و المبغوض ليس إلا العدم ,و جميع الصفات الكمالية راجعة إلى الوجود ,و جميع النقائص راجعة إلى العدم!". إذن المحبة حياة!

اليوم صار الكره و الحقد أوضح من الشمس ,صارت المحبة شيء من العفن في مجتمعاتنا , أو كأنها صارت شيء من الماضي ,صرنا نشتاق الى المحبة ,و مع ذلك نحن من نسب و نلعن و نكره و أشياء أخرى لا حصر لها. صرنا نُحِب لأسباب كحصول على المراتب و حصول على المأكولات و الملبوسات و أشياء أخرى أيضاً و كل هذه الأسباب تؤدي إلى زوالنا ..و هكذا نحن في زوال موجودين و لا نشعر بالوجود!

إذن نحن في حالة عدم لأننا نجيد نشر الكره و البغض بين الناس ,للأسف لا نجيد نشر المحبة و التفاؤل بين الناس. اليوم صار الانجاز الذي نفتخر به – للأسف - تعكير مزاج غيرنا بصفاتنا السيئة ,لا إنجاز سوى نشر الكره أكثر فأكثر! 

تخيل يا صديقي القارئ بأن الشخص لو أحب الله و أحب ذاته لاستطاع ايقاف كل تلك الصفات السيئة من نفسه ,إذ يعني بأن الشخص الممارس للصفات السيئة لا يحب نفسه أصلاً. لندع اليوم إنجازنا يكون زرع المحبة في نفوسنا ثم نحاول نشرها بين الناس. فبادر بزرعها في نفسك لأنها وحدها من ستشعرك بقيمة "وجودك" في الحياة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قل رايك بكل حق :)

بحث هذه المدونة الإلكترونية

جميع الحقوق محفوظه © محمد آل محسن

تصميم الورشه